ما جاء أن أرواح الشهداء في الجنة

بسم الله الرحمن الرحيم 


*              *               *

ما جاء أن أرواح الشهداء في الجنة

*            *             *

يدل علي ذلك قوله عليه السلام في حدث ابن عمر : (( هذا مقعدك حتي يبعثك الله إليه القيامة )) وهذه حالة مختصة بغير الشهداء.

وفي صحيح مسلم عن مسروق قال : سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية :
*( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاََ بل أحياء عند ربهم يرزقون )* (1) فقال :
(( أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلي تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال : هل تشتهون شيئاََ ؟ قالوا : أي شيء نشتهي ونحن نسرح في الجنة حيث نشاء ؟ ففعل بهم ذلك ثلاث مرات ،
فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا : يارب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتي نقتل في سبيلك مرة أخري فلمارأي أن ليس لهم حاجة تركوا )) .....


فصل : قلت : وهنا اعتراضات خمسة :

الأول : إن قيل : ما قولكم في الحديث الذي ذكرتم (( ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدونيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام )) ؟ قلنا : هو عموم يخصصه ما ذكرناه ، فهو محمول علي غير الشهداء .
_________________________________________________________________________________
الثاني : فإن قيل : فقد روي مالك عن ابن شهاب ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأ نصاري أنه اخبره أن أباه كعب بن مالك كان
يحدث أن رسول الله (ص) قال : (( إن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتي يحدث أن رسول الله إلي جسده يوم يبعثه )) ؟
قلنا : قال أهل اللغة تعليق بعض اللام تأكل . يقال علقت تعلق علوقاََ . ويروي يعلق بفتح اللام وهو ألأكثر ومعناه : تسرح وهذه حالة
الشهداء لا غيرهم بدليل الحديث المتقدم . وقوله تعالي : *(بل أحياء عند ربهم يرزقون )* (1) ولا
يرزق إلا حي فلا يتعجل الأكل والنعيم لأحد إلا للشهيد في سبيل الله بإجمع من الأمة . حكاه القاضي أبو بكر بن العربي في سراج المريدين ، وغير الشهيد بخلاف هذا  الوصف إنما يملاْ عليه قبره خضراََ ويفسح له فيه . وقوله : (( نسمة المؤمن )) أي
روح المؤمن الشهيد . يدل عليه قوله في نفس الحديث (( حتي يرجعه الله تعالي إلي جسده يبعثه )) .
_________________________________________________________________________________

الثالث : فإن قيل : فقد جاء أن الأرواح تتلاقي في السماء والجنة في السماء يدل علي قوله عليه السلام : (( إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء )) وفي رواية (( أبواب الجنة )) ؟رقلنا : لا يلزم من تلاقي الأرواح في السماء أن يكون تلاقيها 
في الجنة ، بل أرواح المؤمنين غير الشهداء تارة تكون في الأرض علي أفنية القبور ، وتارة في السماء لا في الجنة . وقد قل إنها تزور قبورها كل يوم جمعة علي الدوام ، ولذلك تستحب زيارة القبور ليلة الجمعة يوم الجمعة وبكرة السبت فيها ذكر العلماء .
والله أعلم .

قال ابن العربي : وبحديث الجرائد يستدل الناس علي أن الأرواح في القبور تعذب أو تنعم ، وهو أبين في ذلك منحديث ابن عمر في الصحيح (( إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي )) لأن عرض مقعده ليس فيه بيان عن موضعه الذي يراه منه ، وحديث الجرائد نص علي أولئك يعذبون في قبورهم ، وكذلك حديث اليهود .


( النهاية )

Post a Comment

أحدث أقدم